18 نوفمبر: ولادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد

كتب بواسطة ذاكرة وطن

18 نوفمبر

ولد جلالة السلطان قابوس في 18 نوفمبر لعام 1940بمدينة صلالة، وجلالته الثامن تراتبيا ضمن سلاطين أسرة البو سعيد. تلقى جلالة السلطان في مرحلة الطفولة المبكرة العلوم التقليدية:”دينية، لغوية، تراثية” على أيدي أساتذة متخصصين في مجالاتهم، حتى اذا أتم جلالته تحصيله بهذه العلوم وأخذ منها نصيبا وافرا، تطلع الى مواصلة تحصيله في العلوم العصرية، فغادر السلطنة متوجها بريطانيا. وفي عام 1960 التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، واستغرقته دراسة العلوم العسكرية والفنون الاستراتيجية مدة عامين، وتوج هذه الدراسة المتخصصة بعد تخرجه من الكلية العسكرية بأخرى في مجال نظام الحكم المحلي وشؤون الادارة وتنظيم الدولة، ليعود جلالته الى البلاد عام 1964.
وفي ظروف داخلية بالغة الصعوبة والخطورة، تولى جلالة السلطان الحكم في يوليو 1970، حيث كان يواجه السلطنة في تلك الفترة تحديان أساسيان، أولاهما يكمن في الحفاظ على وحدة تراب السلطنة، والتصدي لمخططات التقسيم والتجزئة التي عصفت بالسلطنة آنذاك، والتحدي الثاني يكمن في الانخراط الجاد والمخلص للنهوض بالدولة، بمختلف مرافقها ومجالاتها المتنوعة، ومعالجة العديد من المشاكل المعيشية التي كانت تعترض الانسان العماني، من خلال تأمين سبل العيش الكريم والحياة المريحة. حالة الانتقال هذه، والتحديات الواجب التصدي لها ومواجهتها في تلك الفترة عبر عنها جلالته بقوله:” إن هدفنا السامي هو اعادة أمجاد بلادنا السالفة…وأن نرى الانسان العماني يعيش على أرضه سعيدا وكريما”.
ومن منطلق تحقيق السعادة والكرامة للمواطن، وعلى نحو يتسم بالهدؤ، ولكن بمنهجية وتطور صاعد، أخذت تبرز معالم الدولة الحديثة، ابتداء من اقرار النظام الأساسي ومظاهر الاعمار والتنمية وارساء بنية تحتية سليمة تعم أنحاء السلطنة، وأخذ المواطن العماني يلمس الفروق الجوهرية التي بدأت تدخل حياته، من الناحيتين الكمية والنوعية، وفي مختلف المجالات: تعليمية، صحية، ثقافية، أمن اجتماعي، اقتصادية.
وباعتبار أن التطور من النواميس الثابتة والسنن الحتمية في عموم حركة التاريخ، ومن خلال رؤية معمقة للمكون المجتمعي العماني، باعتباره من أكثر المكونات السكانية على مستوى العالم التي تتميز باتساع الشريحة الشبابية في المجتمع، حيث أظهرت البيانات الاحصائية لعام 2013 المعتمدة محليا وعالميا أن 45% من المواطنين هم في سن أقل من 20 عاما، و56% أقل من 25 عاما، وهي المرحلة العمرية التي ينخرط بها المرؤ في سوق العمل، وفي سبيل تأمين فرص العمل المناسبة التي تحقق للانسان حياة كريمة وسعيدة، فان التوجيه السامي حفز على وضع برامج اقتصادية طويلة الأمد، مؤسسة على استراتيجية تنويع أوجه الاقتصاد، وعدم الركون الى ثروة النفط نظرا لمحدودية هذا المورد، وجرى التأكيد على نحو عملي تدريجي ضرورة التنمية في قطاعات: الغاز، السياحة، الصناعات غير النفطية.
وعلى المستوى الخارجي، ببعديه الإقليمي والدولي، فإن السياسة الخارجية انتهجت منذ البدء الحياد والتعامل الدبلوماسي الحذر، وعدم الخوض في غمار مغامرات سياسية، هذه السياسة استدعت بالضرورة الموازنة والتوازن في التعاطي مع الشأن الخارجي، وهي سياسة أكسبت السلطنة نتيجة لتراكم المواقف، سنة عقب أخرى، ومشهدا سياسيا عقب آخر، احتراما واعترافا دوليا واقليميا بحكمتها ونجاعة قراراتها. وهي النظرة التي أهلت السلطنة كي تحتفظ بعلاقات الصداقة مع الدول كافة، من جهة، اضافة أنها باتت مبعثا للأمل عند كل أزمة تلوح في الأفق، أو احتدام لصراع دام، يتطلع الجميع الى الدبلوماسية العمانية كمنقذ ومخلص. ومن الناحية العملية والواقعية فان الدبلوماسية العمانية كانت حاضرة ونشطة كلما هرع اليها المتخاصمون لنزع فتيل الأزمة، وجدناها حاضرة في هذا النشاط السياسي كوسيط بين الإيرانيين والأمريكيين عندما وصل الجانبان الى طريق مسدود بشأن الملف النووي الايراني، وهو الملف الذي بات ينظر اليه باعتباره واحدا من القضايا الدولية العالقة والقابلة للانفجار وجلب الكوارث التي لن يبقى تأثيرها محصورا في المنطقة. ولا زالت الانظار والآمال متعلقة أن يكون لهذه الدبلومساية دور فاعل في الحرب الأهلية الدائرة باليمن، وكذلك في الحرب السورية.
وعلى الرغم من الحالة المرضية التي ألمّت بجلالة السلطان، واضطراره للسفر خارج البلاد في رحلة علاج لاجراء فحوصات طبية، الا أن جلالته وفي رحلة التعافي هذه بقي متابعا وعن كثب مظاهر التطور والنماء التي تشهدها السلطنة، وبقيت التوجيهات السامية مواكبة مسيرة التطور والنماء، وفي كلمته السامية بافتتاح أعمال الفترة السادسة لمجلس عمان، أعرب جلالته عن مدى فخره واعتزازه للانجازات التي تحققت على أرض السلطنة، وتطلع جلالته لمواصلة مسيرة النهضة المباركة.

 

ذاكرة وطن - نوفمبر

عن الكاتب

ذاكرة وطن