31 ديسمبر 1993: وفاة الشيخ سالم بن حمود بن شامس السيابي

كتب بواسطة ذاكرة وطن

  شخصية  يتجسد فيها النموذج التاريخي للعالم العماني بسماته الموسوعية وسعة الاطلاع والمعالجة المتقنة للعديد من العلوم والفنون. فهو الفقيه القاضي، المؤرخ المدقق، المحقق الباحث، والأديب الشاعر، كل هذه الفنون كان لصاحب الترجمة تناول علمي لها على نحو دقيق، وإفاضة أدبية مبدعة سواء كانت هذه الإفاضة أو الإضافة مجالها شعريا أو نثريا.

ولد صاحب الترجمة في “غلا” بولاية بوشر عام 1908، وفيها نشأ وتلقى علومه الأساسية على النحو المتعارف عليه في تلك المرحلة، فدرس علوم القرآن الكريم، وأتقن تلاوته  وتجويده وحفظه عن ظهر قلب ولم يتجاوز عمره سبع سنين، كما درس الفقه وأصول الدين وتلقى هذه العلوم من علماء هذه الفترة مباشرة أمثال الشيخ خلفان بن جميل السيابي والشيخ سعيد بن ناصر الكندي والامام محمد بن عبدالله الخليلي، وغيرهم من علماء هذه الفترة التاريخية.

كان من الطبيعي أن تستثمر هذه القدرة العقلية وهذا الفيض العلمي والمخزون المعرفي ويتم تصريف هذه المواهب كلها في سبيل خدمة الناس، فكان أن عين الشيخ السيابي قاضيا على ولايته بوشر عام 1933، وبقي في موقعه سبع سنين حيث جرى تعيينه قاضيا على سمائل، ليعين في العام الذي يليه 1941 واليا وقاضيا على نخل، وبقي في منصبه هذا تسع سنين عين على اثرها واليا على جعلان. الأمر اللافت في هذه الفترة من حياة الشيخ السيابي، أنه رغم هذه المناصب الرفيعة التي تقلدها، قضائية كانت أم إدارية، الا أنه كان حريصا طوال هذه الفترة ألا ينقطع عن التدريس وإفادة الناس من علمه، وعلى وجه الخصوص اللغة العربية التي ما انفك يدرسها ويلقي علومها على طلابه في أي مكان من أماكن تجواله.

كلفه السلطان سعيد بن تيمور قاضيا في المحكمة الشرعية بمسقط، ثم قاضيا للاستئناف. وفي عهد النهضة المباركة، واصل الشيخ السيابي مهامه القضائية لذيوع سيرته وانتشار اسمه باعتباره واحدا من القضاة المشهود لهم بالفصل العادل في الأحكام، وعدم المجاراة أو التهاون في حقوق الناس. وفي عام 1982 عين مستشارا بوزارة التراث القومي والثقافة. ولم يكن هذا الموقع شرفيا أو شكلا من أشكال التكريم التي يخلد اليها من بذلوا وأعطوا عبر مسيرتهم العلمية والعملية، بل إن الشيخ السيابي بقي يعمل بدون انقطاع حتى في موقعه الوظيفي، فصحح ونقّح عددا غير قليل من الكتب العلمية والتاريخية التي كانت الوزارة تشرف على طباعتها في تلك الاونة وعلى مدى فترة تقارب عشر سنين.

   توفي شيخنا بمسقط عن عمر ناهز الـ 85 عاما، كانت حافلة بالعطاء وغزارة والانجاز العلمي، فقد ترك لنا صاحب الترجمة 87 تتراوح بين الموسوعات الضخمة مثل كتاب ” عمان في التاريخ” الذي يقع في أربعة مجلدات، كتاب “الحقيقة والمجاز في تاريخ الاباضية باليمن والحجاز”، وكتاب” إسعاف الأعيان في أنساب أهل عمان” وقائمة عناوين الآثار العلمية للعالم الراحل طويلة بعضها مطبوع وعدد لا بأس به لا زال مخطوطا.

ذاكرة وطن - ديسمبر

عن الكاتب

ذاكرة وطن