23 ديسمبر 1649 تحرير مسقط من الجيش البرتغالي

كتب بواسطة ذاكرة وطن

بينما كانت الحامية البرتغالية في مسقط مشغولة باحتفالاتها بعيد الفصح والميلاد أواخر سنة 1649، كان الإمام سلطان بن سيف اليعربي يستثمر هذا الانشغال بهدف تحرير المدينة من الاحتلال الذي دام أكثر من 140 عاما. البعد الخفي في القصة هذا الإمداد المعلوماتي الذي كان يتلقاه الإمام من مواطني المدينة وجاليتها الهندية حول واقع الجيش البرتغالي.

ملخص:” بينما كانت الحامية البرتغالية في مسقط مشغولة باحتفالاتها بعيد الفصح والميلاد أواخر سنة 1649، كان الإمام سلطان بن سيف اليعربي يستثمر هذا الانشغال بهدف تحرير المدينة من الاحتلال الذي دام أكثر من 140 عاما. البعد الخفي في القصة هذا الإمداد المعلوماتي الذي كان يتلقاه الإمام من مواطني المدينة وجاليتها الهندية حول واقع الجيش البرتغالي.”

في غمرة انشغال الجيش البرتغالي وحاميته المتمركزة بمدينة مسقط بالاحتفالات الدينية بعيد الميلاد، والإعداد لهذه المناسبة على النحو الذي اعتادته بمثل هذا الوقت من كل عام ولفترة زمنية تجاوزت 140 عاما بقليل، في هذا الجو الاحتفالي الوادع المطمئن، وفي تلك الأثناء كان الإمام سلطان بن سيف بن مالك, ثاني أئمة دولة اليعاربة، يراجع في الرستاق، عاصمة ملكه، خططه العسكرية مع قادة جيشه ويتباحث معهم سبل تحرير هذه المدينة الساحلية من قبضة الجيش البرتغالي.
هذا التوجه لتحرير المدينة كان حلقة في سلسلة حلقات التحرر وطرد القوات الغاصبة المحتلة لأرض السلطنة، والتي كانت انطلاقتها زمن أول أئمة اليعاربة ناصر بن مرشد اليعربي، والذي تمكن بالفعل من تحرير كافة المدن والمواقع الداخلية من سيطرة البرتغال، ولم يبق أمامه سوى المدن والمواقع الساحلية، مثل: صحار صور قريات مسقط مطرح، إلا أنه مات قبل أن يستكمل مشروعه وحلمه في توحيد الأرض العمانية وتحريرها من المغتصب البرتغالي، ولما جاء الإمام سلطان، والذي يعد بحق واحدا من القادة العسكريين البارزين، أخذ على عاتقه استكمال ما بدأه الإمام ناصر من قبله، وكانت الأنظار أول ما اتجهت نحو تحرير مسقط.
كانت مدينة مسقط محصنة على نحو كبير جدا، مدافع على الأبراج، سلاسل حديدية عند مداخل المدينة، إضافة إلى أنهم أغرقوا عددا من الخنادق المحيطة بالماء، كل التدابير جرى اتخاذها على نحو بالغ الدقة، وركنوا إلى هذه التدابير واطمأنوا إليها، ولم يجدوا حرجا أو ما يحول دون أن ينصرفوا في أيام الأعياد إلى الاحتفال والراحة.
سار الإمام سلطان على رأس جيشه من الرستاق إلى مسقط، ولم ينتبه البرتغال إلى زحفه عليهم إلا عندما قارب الإمام من أنحاء مسقط، ومن منطقة طوى الرولة، روي الحالية، التي اتخذها الإمام سلطان مركزا لقيادته، اخذ يرسل كتائبه لتغير على ناحيتي مسقط ومطرح. استمرت الغارات والمناوشات فترة من الوقت دون تحقيق نتائج حاسمة، وفي الليالي الأخيرة من عام 1649، حيث انشغل البرتغال باحتفالية الأعياد، ووفقا للرواية التاريخية فان مساعدات معلوماتية مهمة كان يتلقاها الإمام من داخل مسقط وعلى نحو منتظم. وتشير المراجع التاريخية، كما هو وارد في كتاب “الفتح المبين” لابن زريق، فان واحدا من الجالية الهندية، وكان يعمل تاجرا كان لمعلوماته التي يرفعها للإمام اكبر الأثر في قرار الهجوم على المدينة والتوقيت المناسب لهذا الهجوم.
بعد أن توافرت معلومات تقضي أن الحامية لاهية عن متابعة حراسة الأسوار والممرات، أمر الإمام جيشه بالهجوم على مدينة مسقط، وكان ذلك في الثالث والعشرين من ديسمبر عام 1649 وتمكن الجيش العماني من اقتحام الأبواب والدخول إلى المدينة، وفرض حصار شديد على الحامية في القلاع فترة من الزمن إلى حين نفاذ المؤن، فاستسلمت لحكم الإمام، وعقب تحرير مسقط ومطرح، جرى تطهير السلطنة من بقايا الوجود البرتغالي على امتداد الساحل العماني، ليس ذلك فحسب بل أخذ الأسطول البحري العماني يتتبع فلولهم بغارات بحرية في المحيط الهندي.

ذاكرة وطن - ديسمبر

عن الكاتب

ذاكرة وطن