2015 عام سيئ على إسرائيل ، لماذا ؟

كتب بواسطة فاطمة بنت ناصر

لال هذا العام الذي قارب على نهايته ، حققت إسرائيل قوة إضافية بفضل إنجازاتها على الصعيد التكنولوجي ، ولكنها في المقابل حققت تراجعاً في مقدار التعاطف العالمي معها. فالصراع مع الفلسطينيين تعقد بشكل أكبر ، وموجات المقاطعة لإسرائيل ، وصلت إلى عقر دار مؤسسات التعليم العالي الأمريكية. وحتى اقتصادنا الذي نعتبره سندنا الأكبر ، تراجع خلال هذا العام.

نشر هذا المقال في يديعوت احرونوت
بتاريخ 16-12-2015

بقلم سيفير بلوكير

استهلال : خلال هذا العام الذي قارب على نهايته ، حققت إسرائيل قوة إضافية بفضل إنجازاتها على الصعيد التكنولوجي ، ولكنها في المقابل حققت تراجعاً في مقدار التعاطف العالمي معها. فالصراع مع الفلسطينيين تعقد بشكل أكبر ، وموجات المقاطعة لإسرائيل ، وصلت إلى عقر دار مؤسسات التعليم العالي الأمريكية. وحتى اقتصادنا الذي نعتبره سندنا الأكبر ، تراجع خلال هذا العام.
تدخل إسرائيل عام 2016 ، وهي محملة للأسف بالحمل الثقيل نفسه من المشاكل الرئيسية التي حملتها عام 2015. ولكن الفرق إن ثقل هذه المشاكل قد زاد ، وأصبحت أكثر تعقيدا وتأريقاً لها. وهذه قائمة بالمشكلات الأبرز :

– الأزمة الفلسطينية- الإسرائيلية تعقدت وساءت أكثر من ذي قبل. كما أن قنوات التواصل بين قيادات الطرفين قطعت تقريباً. ولا يلوح في الأفق أي اتفاق جزئي أو حتى ما هو أقل من ذلك. ويبدو ان فكرة الاتفاق والبحث عن حلول لم تعد حاضرة في تحديات قيادات الشعبين. أما الأبرز على الساحة فهي ظاهرة عمليات الطعن التي أصبحت حدثاً روتينياً. كحال كلمة ( التحييد :من الحيادية) والتي أصبحت بلا منازع كلمة عام 2015 ، حيث إنها الأكثر ترديداً على لسان الإرهابيين ومن والاهم. وكنتيجة أصطدم التطرف الفلسطيني بالتطرف اليهودي ، وأصبح كلاهما مشاركاً في حفلة الموت هذه .

– شبكة العلاقات الاجتماعية في مجتمعنا أصبحت ملوثة بأفكار عدوانية همجية ، وعنصرية متطرفة ، ترفض الآخر ، وتسكن في ذهن افرادها حالات الرهاب والرعب من الآخرين . كما أصبح لدينا أكثر من أي وقت مضى ، أفراد يعبرون بطريق حمقاء عن هذه الأفكار المتطرفة ، ويصًرحون عنها في قنوات التواصل المختلفة.

– أما العالم الإسلامي فتدهور بسبب دعوات الجهاد ونصرة هذه الحروب داخلياً وخارجياً. وكنتيجة لمد العنف هذا ، ها هي الفوضى تعم أجزاء كبيرة من الوطن العربي ، وحتى تلك الأنظمة التي كانت في الماضي تحفظ القيم الأخلاقية ، نراها اليوم وقد تراجعت عقودا إن لم نقل دهوراً الى الوراء. وها هو الدم لايزال يسكب حتى الآن دون حد ولا سيطرة.

– أما التفكير الاسرائيلي فقد أصبح منغلقاً وتقوقع على نفسه ، في خطوة جاهدة لدفن رأسه في الرمال ، متهرباً من الامور المهمة الى تلك الهامشية ، ومن تلك القضايا الفاصلة الى تلك التافهة ، بينما انشغل السياسيون والمحللون والناشطون بقضايا ليست ذات وزن أو قيمة.

– انشغل اليسار الصهيوني حتى النخاع بقضية صفقة الغاز في إسرائيل ، وبقضاياه الشعبوية الأخرى. وهكذا عم صمت اليسار وبرز ضعفه أمام القضايا القومية المصيرية والأخلاقية ، بينما برزت أنيابه وعلت نبرات صوته في قضية تافهة كقضية صفقه الغاز ، حيث لم تحصل أية قضية سابقة على هذا القدر من الخطب الشاعرية. ولعلهم سيحصلون بهذا السلوك ، على باقة ورد يبعثها نتنياهو ، يشكرهم فيها على عدم إزعاجهم له بقضايا ينبغي عليهم وعليه وعلينا جميعاً أن نلتفت إليها. أيا ترى هل صفقه الغاز هذه لا تثير أية مخاوف ولا تستدعي الهلع ، وكل ما جرى ليس سوى مؤامرة محنكة من أجل التحييد ومعادلة الأمور ؟ أترون ( التحييد) كلمة عام 2015 التي تطل برأسها كل مرة ، حتى مع اليسار!

– وفي عام ٢٠١٥ ، أصبح اليمين الاسرائيلي اكثر يمينية وأكثر تأقلماً معها ، وهو يمضي بذهنية مسيحي راغب في الخلاص مضحيا بنفسه في سبيلها. وذهبت مساعي الراحل شارون في تشكيل جبهة يمينية وسطية قومية مهب الرياح . وأصبحت سياسة اليمين اليوم غوغائية ، والسبب هو محاولة الفصل التي زادت مؤخراً بينها وبين القيم التي يمثلها اليمين العقلاني المتزن ، الذي يمثله كل منه : المحافظون و الجمهوريون في العالم الغربي. أما قيادات اليمين ، فحدث ولا حرج ، فالرئيس ريفين ريفلين – الرئيس الاسرائيلي الحالي – أصبح مذموماً بين الناس ، أما أيقونتهم الخالدة المتمثلة في رئيسهم السابق مناخيم بكين ، تم تهشيم إرثه دون حياء. ويستشهد التاريخ أن في انتخابات عام 2015 أصبح معنى ( أنتمي لليمين ) هو ( كراهية العرب) . هذا كله ما حمله اليمين هذا العام ببساطة. لا توجه ولا أيديولوجية.

– وفي ٢٠١٥ خسرت اسرائيل أمام إيران. واصبحت ايران أكثر قبولا كحليف للغرب وللشرق معاُ ، بينما أصبحت إسرائيل منبوذة و أقل قبولا بينهم. وبوصف أكثر دقة، فإيران أصبحت الصديق المرغوب والذي ترتجى صداقته ، بينما اسرائيل أصبحت الصديق المفروض عليهم بالقوة. وإن تحقق للغرب مسعاهم في تخلي إيران عن امتلاكها لقوة نووية ، فهذا ليس بسبب قوة الغرب التي أجبرت إيران على هذا التخلي ، ولكن ببساطة لانعدام رغبة إيران وانعدام حاجتها لامتلاك سلاح نووي.

– كما عمت في عام ٢٠١٥ موجات مقاطعة الصهيونية والدولة اليهودية ، وفي تطور لافت وصل مد هذه المقاطعة الى اعلى سلم التعليم في امريكا لتستقر في أعرق الجامعات الأمريكية .وفي خضم كل هذا لم يُسمع رأي الخصم، وغابت أصوات مثقفينا وصفوتنا. على الرغم ما حققناه من تطور وإنجاز على الصعيد التقني ، ولكننا فقدنا في المقابل تعاطف العالم نحونا .

– وهكذا فشلت قوة العقل وقدرته في التعاطي مع الضعف الروحي وقلة العزيمة .وحتى اقتصادنا – ذلك الجانب المشرق – تراجع هذا العام ، فلم يشهد نمواً ، وتراجعت الصادرات ، وهرب المستثمرون ، وأصبح الصراخ هو النمط الاستهلاكي القادم لإسرائيل الجديدة. ولا أظننا بهذا الحال سنحقق أي تقدم.
وأخيرًا أقول ، فحتى المتفائلين من أمثالي ، يجب أن يعترفوا أن عام ٢٠١٥ كان عاماً سيئا على إسرائيل ، وإنه ليس بمقدورنا ان نتحمل تبعات سنوات شبيهةً بها.

رابط المقال :
http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-4739745,00.html

السابع والستون سياسة

عن الكاتب

فاطمة بنت ناصر

كاتبة ومترجمة