تتصدر جبال عمان “الشامخات” مراتب رفيعة في روائع المقالات العلمية بأقلام عمالقة علوم الجيولوجيا والأرض ، كيف لا وقد بلغ عدد الأبحاث العلمية الموثقة في جيولوجية جبال عمان عشرات الآلالف ، وما انفك طلاب العلم من وراء البحار يتهافتون على هذه الطبيعة الآسرة لينهلوا من معينها معارفا فاقت شهرة مكتشفيها ، فيصف العلماء مثلا الغطاء الجبلي الذي تفصل ولاية سمائل شرقه عن غربه بأنها البقعة الأرضية الأكثف دراسة على وجه الأرض[1]، وهذا ما يعزز من صلابة قاعدة البيانات هذه كي تنطلق منها المزيد من الأبحاث الرامية إلى دراسة جيولوجية فريدة ضاربة في أعماق التاريخ السحيق لكوكبنا الأرضي ، فقد حفظ المناخ الجاف والطبيعة القاسية جبال عمان من التعرية لتقدم للعالم أجمع صرحا علميا استثنائيا يثبت نظرية هنا ويسقط فرضية هناك ويضع حلولا لقضايا جدلية عالقة منذ أمد بعيد. وإذ تعتبر جبال عمان ومناخها مصدر إلهام للكثير من الإكتشافات المبهرة فإن السلطنة بحكم استقرارها السياسي ومقوماتها الجغرافية المتميزة وإطلالتها على أهم المسارات البحرية في العالم تعد الوحيدة القادرة على الصعيد العالمي تقديم ضمانات غير مشروطة لأي مشروع علمي للوصول إلى مدارج النجاح بكل آمان.
وهنا يستوقفنا المقترح الدولي المقدم للحكومة العمانية والمسمى بـ “مشروع حفرعمان” كما يطلق عليه الباحثون [1] والمنشور على موقعيه الإلكترونيين الرسميين بعنوان (Oman Drilling Project) [2, 3] كأحد أهم المقترحات العلمية في دراسة جيولوجية جبال عمان على الإطلاق ، فالمقترح والذي يعد حصيلة اجتهادات نخبة من العلماء قضوا أكثر من عقد من الزمان في تصميمه [4] يرتكز على منظومة الطبيعة العمانية بكل مقوماتها الجغرافية والجيولوجبة ومواردها الطبيعية ، وهو مصاغ بلغة علمية محترفة ومدعم بالصور التوضيحية والخرائط الأرضية وموثق بمراجع علمية رائدة ، أهدافه محددة بأسلوب واضح ودقيق وهو يعكس خبرة جيولوجية فذة نضجت بهدوء على جبال عمان “الراسيات” من أقصى شمال البلاد باتجاه جنوبها الغربي، والمقترح في ذاته يقدم ثروة من المعلومات الهامة وإذا ما دخل حيز التنفيذ فإنه وبلا شك سيفتح أفآقا علمية رحبة لإكتشاف المزيد من جماليات الوجه الجيولوجي الآخاذ وأسرار المستقبل الغامض لكوكبنا الساهر الذي أرقته حمى الدول الصناعية أو ما يعرف بظاهرة الإحتباس الحراري. وليس بغريب على مقترح كهذا أن يحصد دعما دوليا بلغ حتى الآن 4 مليون دولار قبل الشروع في تنفيذه ، فالمشروع يعنى بتقنية الحجز والتخزين المعدني الدائم لغاز ثاني أكسيد الكربون الذي أخفقت الدول الملوثة الكبرى وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند [5] في إدارة وضبط إنبعاثاته ، وتتتابع مسلسلات إخفاق هذه الدول في ضبط الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بتكرار قيام و انهيار الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتوالية والساعية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ، كان آخرها اتفاقية باريس 2015 التي جرَّت أذيال خيبتها قبل انعقادها بالتعهدات والوعود المتواضعة التي قدمتها الدول الملوثة والتي يرى المحللون المختصون صعوبة تحقيقها بالرغم من ضآلة مخرجاتها [6] ، ما يضع حكومات هذه الدول في موقف محرج أمام المجتمع الدولي فيما إذا كانت جادة حقا في تخفيف ظاهرة الاحتباس الحراري أم أن الأمر لا يتعدى كونه تخفيف لأعباء إقتصادية تتكبدها هذه الحكومات في بورصات ائتمان الغاز الكربوني من جهة وفي استخدام بدائل الطاقة النظيفة والمتجددة من جهة أخرى ، إذا ما أخذنا في الاعتبار النجاحات التي حققتها بعض الدول الأوروبية [7] في التقليص الحقيقي من حجم الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
وعلى خلفية أزمة الاحتباس الحراري تطالعنا بين الفينة والأخرى بعض المجلات والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية المحلية [8] والخليجية والعربية [9-11] وأخرى دولية [12] بمقالات وتقارير تشيد بالقدرة الفائقة لصخور البيريدوتايت العمانية على إمتصاص كمية من غاز ثاني أكسيد الكربون تعادل ألف ضعف من كمية الغاز التي تضخها البشرية حاليا في الغلاف الجوي في إشارة منها بفاعلية هذه الصخور لإنقاذ كوكب الأرض من كارثة الاحتباس الحراري ، وقد سردت لنا هذه المحطات الإعلامية قصة اكتشاف هذه الصخور في السلطنة على يد العالمان بيتر كيلمن و يورج ماتر من مرصد “لامونث دوهيرتي إيرث” بجامعة كولومبيا الأمريكية وما ترتب عليه من توثيق ملف براءة مبدئية للاكتشاف [11] ما يعني منح المكتشفين امتياز رسمي باستئثار تطبيق التقنية المقترحة ، وقد تمخض عن هذا الاكتشاف المبرأ دوليا تشكل قافلة ضخمة من أشهر علماء الجيولوجيا في العالم لدراسة الآلية الذكية للصخور العمانية في تدوير غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وحجزه بشكل دائم على هيئة صخور معدنية.
والقراءة في جبال عمان ذلك التاج الجيولوجي العظيم على جبهة السلطنة –وهي الجديرة به بدون منازع- إنما هو مبعث فخر واعتزاز لكل محب لهذه الأرض الطيبة ، فكيف إذا كان المقروء عنها مهمة تكليف من الدرجة الأولى بإنقاذ كوكب الأرض من كارثة محتمة كما يعتقد العلماء ، ولاكتشاف المزيد عن هذه المهمة كان لابد من تسليط الضوء على بعض ما يقترحه الباحثون في “مشروع حفر عمان” بغية إضاءة فكرة الآلية المنقذة لكوكب الارض دون التطرق المسهب لتبعات التنفيذ حيث بإمكان أي قارئ للمقترح استقصاء هذه التبعات إذا ما تمعن في الوصف التجريبي لخطة العمل المنشورة على الموقع الرسمي للمشروع ، فالمقترح وهو برئاسة العالم الأمريكي بيتر كيلمن ما زال قيد انتظار الرد “الإيجابي” من الحكومة العمانية للبدء بالتنفيذ. والمشروع مبني على حقائق كيميائية صرفة [13] ومدعم بتجارب مخبرية [14] ، حيث يعتمد مبدأ حجز غاز ثاني أكسيد الكربون فيه على التفاعل التلقائي بين مكونات الصخور المعدنية وغاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي لإنتاج الكربونات المعدنية الصلبة ، وبرفع الحرارة والضغط فإنه يمكن إلزام كيلوجرام واحد من صخور البيريدوتايت بامتصاص 0.6 كيلوجرام من الغاز في وجود الماء لإنتاج حجم مضاعف من المخلفات وبكتلة 1.6 كيلوجرام [13] (ولغرض تسهيل استيعاب الفكرة على أرض الواقع فإن جبلا كاملا من صخور البيريدوتايت إذا ما تفاعل تفاعلا قصريا مع غاز ثاني أكسيد الكربون سينتج عدد مضاعف من جبال المخلفات الناتجة عن التفاعل)، وعلى المستوى التجريبي الميداني و كما يرسمه المقترح سيتم حفر مجموعه من الآبار على مواقع جبلية تابعة لولاية سمائل ووادي الطائيين ، وسيتراوح عمق هذه الآبار ما بين 400-600 متر بعرض 6 بوصات ليصل مجموع الأمتار المحفورة كلها إلى ما يقارب 8900 متر( 8.9 كيلو متر) ، وحسب الخطة المطروحة سيتم حفظ ودراسة قوالب الصخرالناتجة من الحفر على متن سفينة جويدس (سفينة حفر المحيط البحثية) التي سترسو على أحد موانئ عمان لمدة شهرين من كل عام من أعوام الدراسة الثلاث المقترحة ، وبناء على العرض الذي قدمه متحف التاريخ الطبيعي الأمريكي سيتم شحن قوالب الصخر من الميناء إلى المتحف الأمريكي بالولايات المتحدة الأمريكية ، أما إذا قدمت جامعة السلطان قابوس أو أية جهة حكومية أخرى عرضا أفضل من عرض المتحف الأمريكي متمثلا بتوفير المرافق المناسبة لحفظ القوالب الجيولوجية وبتكلفة أقل فإنه سيتم الإحتفاظ بالقوالب في السلطنة.
وبالنسبة للآبار المحفورة فبعضها ستستخدم لاختبار عملية الحقن المقترحة والبعض الآخر لدراسة ظواهر جيولوجية أخرى ، وعملية الحقن تتضمن ضخ الماء المشبع بالغاز المضغوط في البئر والتي ستتسبب في تصدعات بسبب تمدد مخلفات الحقن و طبيعة الصخور العمانية الغير مسامية (حجم المخلفات أكبر من سعة البئر المحفور والذي سيبدأ بقطر 0.6 بوصة قبل التصدع) وسيتم على ما يبدو رصد الهزات الأرضية الناتجة عن هذه التصدعات بالأجهزة المناسبة ، وهذه التصدعات سوف تحفز المزيد من التفاعل بين مكونات الصخر والماء المشبع بالغاز لانها ستعري مساحة أكبر من الصخور وسوف تؤدي إلى تسرب الماء المشبع بالغاز إلى الصدوع ، وكلما زاد ناتج التفاعل كلما زاد حجم المخلفات وكلما تفاقم الضغط على الصخور وبالتالي زادت الهزات الأرضية والشقوق والكسور ما يزيد من سعة استيعاب البئر للغاز وهكذا ، والمقترح –حسب ما ذكر في طبعته الأخيرة على أحد موقعيه الرسميين[2]- يؤكد على سلسلة الأحداث هذه وأنها سلسلة متتابعة وتلقائية الحدوث ما أن يبدأ ضخ الماء المشبع بالغاز والمعزز فيزيائيا بالتسخين ليزيد من معدل سرعة التفاعل إلى مليون مرة عن المعدل الطبيعي لتفاعل الصخور[13].
وإذا ما تطرقنا إلى التطبيق الفعلي لهذه التقنية في السلطنة بهدف إنقاذ العالم من الإحتباس الحراري كما تنشر عنه الأوساط المحلية والعربية والدولية ، فلابد من استخدام لغة الأرقام هنا لتشخيص حجم أزمة الإحتباس الحراري وتقدير قدرة جبال السلطنة على التصدي لها بالتقنية المقترحة ، فلإنقاذ العالم فإن العلماء يطمحون أن يخفضوا مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون الحالية (400 جزء في المليون) في الغلاف الغازي إلى مستواه الطبيعي –أو ما يقاربه- قبل عصر الثورة الصناعية للبشرية (260-280 جزء في المليون) [15] خلال الثلاثين سنة المقبلة ، وهذا لن يتأتى بدون توقف إنبعاثات الغازات المسببة للإحتباس الحراري كليا والتحول التام والسريع لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة بدلا من الوقود الأحفوري، وإلا فإن كوكب الأرض مهدد بكوارث التغير المناخي المدمرة خلال 30 سنة القادمة كما جاء في تصريحات البروفيسور فريدينجستن من جامعة إكستر البريطانية [16]، و يبلغ ما تضخه البشرية اليوم من الغاز الكربوني في هذا العالم المزمع إنقاذه 40 بليون طن سنويا [17, 18] وهذا يجعل مجمل كتلة الغاز الحالية في الغلاف الجوي تقارب 3200 بليون طن (مقابل ~ 2100 بليون طن قبل الثورة الصناعية ) حسب أحدث تقديرات مرصد وكالة ناسا الأمريكية (OCO-2) ، وبما أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة يهدد ميزانيات الدول الملوثة ، فإنه لابد من البحث عن آلية سريعة ورخيصة لإسعاف كوكب الأرض من الخطر القادم ، ويرى الباحثون في مقترح مشروع حفر عمان أن جبال عمان هي الحل الواعد للكارثة ، فحسب فرضياتهم أن هذه الجبال يمكن أن تحوي كل إنبعاثات الغاز العالمية الحالية بل وأضعاف مضاعفة مستقبلا ، حيث يقدر هؤلاء أن سعة استيعاب صخور عمان وحدها للغاز تصل إلى أكثر من 30000 بليون طن [19] ، وإذا ما رسمنا أكثر السيناريوهات المستقبلية تفائلا وهي نجاح تقنية حجز 40 بليون طن سنويا من الغاز في صخور عمان بنسبة 99% -وهذا التفاؤل أبعد ما يكون عن الواقعية- ، فإن هذه التقنية لن تخلص الدول الملوثة من أعباء الضريبة السنوية للإئتمان الكربوني فحسب بل وتسقطها من قائمة الدول الملوثة للأرض ، وإذا ما أمعنا النظر في نسبة النجاح المفترضة هنا وهي 99% فإن النسبة المتبقية من نجاح هذه التقنية هي فقط 1% لا غير، أي أننا نفترض هنا أن 1 % فقط من كتلة الغاز المحقن بظروف قصرية في باطن الأرض قد تتسرب للهواء الجوي وهذا يعادل إنبعاث 400 مليون طن من الغاز المحقن في السلطنة سنويا ، وإذا ما أخذنا في الإعتبار مؤشرات التزايد السنوي في معدلات ضخ البشرية للغاز (4%) المتوازية مع تزايد معدلات الطلب على الطاقة والذي سينعكس بالزيادة في معدل الحقن السنوي للغاز ، فإن معدل التسرب من الآبار المحقنة في السلطنة قد يصل إلى أكثر من 520 مليون طن سنويا في خلال ال 10 سنوات الأولى من تطبيق التقنية ، وهي كمية كافية أن تقلب جدول ترتيب الدول الملوثة عاليه سافله لتصبح عمان في غضون بضعة سنوات المتصدرة الأولى في قائمة ترتيب الدول الملوثة لكوكب الأرض.
إن الفرضيات التي بنيت عليها تقديرات سعة وسرعة استيعاب صخور عمان للغاز لا زالت محل شك في الأوساط العلمية ، وقد قام فريق من العلماء والباحثين من جامعة ليستر البريطانية عام 2013 بدعم كل من المركز البريطاني الوطني للأبحاث البيئية ومركز المسح الجيولوجي البريطاني ومركز أبحاث البيئة للجامعات الإسكتلندية بتجارب مخبرية لتقدير كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الفعلية التي يمكن لصخور البريدوتايت احتجازها من الغلاف الجوي ، وقد أجريت التجارب على عينات صخور البريدوتايت من ولاية نزوى بسلطنة عمان و وادي ميدق بدولة الإمارات العربية المتحدة -كون هذه الصخور تتواجد أيضا في الدولة الشقيقة- لتخرج الدراسة بنتيجة مفادها أن تقديرات قدرة صخور عمان على حجز الدائم للغاز إنما هي تقديرات مفرطة وغير دقيقة ، وقد أوصى الباحثون القائمون على هذه الدراسة بضرورة إجراء المزيد من التجارب العلمية للتأكد أولا من صحة الفرضيات ومن ثم تقدير حجم الغاز الذي يمكن للصخور استيعابه بشكل دقيق [20, 21] وبذلك فإن هذه الفرضيات المبني عليها هذه التقديرات تحتاج إلى أدلة علمية لإثباتها وإعادة النظر في صياغتها ، قبل الشروع ببناء الاستنتاجات العلمية.
وبالرغم من أن المناصرين لتقنية حجز الغاز في جبال السلطنة يؤكدون على اهتمامهم بالجانب البيئي والآثار البيئية المترتبة على هذه التقنية ، إلا أن محتوى مقترح “مشروع حفر عمان” لا يوحي بالإهتمام الجاد والإكتراث الحقيقي بالأعباء البيئية التي ستتكبدها السلطنة جراء هذه التجربة أو إذا ما دخل المقترح حيز التنفيذ ، فالدراسة بأهدافها وخطتها وتفاصيل الإنفاق المالي فيها والأجهزة المستخدمة في التجارب ومدة تنفيذ المقترح (ثلاث فصول شتوية فقط في ثلاث سنوات متتالية) جميعها مسيرة بشكل صريح وواضح باتجاه دراسة آلية امتصاص الصخور للغاز وزيادة فعاليتها، أما عن تخصصات الباحثين المشاركين واهتماماتهم فتنصب هي الأخرى في حقل علوم الجيولوجيا والأرض بالإضافة إلى علوم المحيطات والمعادن و الزلازل ، فهم وإن كانوا الأكفأ على مستوى العالم في مجال دراسة آلية الكربنة المعدنية فإن الخبرات والمهارات الحقيقية في إدارة وضبط المخاطر البيئية الناجمة عن تطبيق هذه التقنية الحديثة الولادة تبقى أولويات قصوى و هاجسا ملحا يلاحق صناع القرارت في دولة سجل لها التاريخ خصوصيات منفردة في شؤون صون البيئة وحماية مواردها الطبيعية على المستويين المحلي والدولي، فالسلطنة وإن كانت ليست بضليعة في تقنيات الحجز الجيولوجي للغاز الكربوني ولا يوجد من هو ضليع في هذه التقنية حتى الآن والأرجح أن السلطنة ليست بحاجة للتضلُّع في هذه التقنية وهي ذات السجل المتميز في إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ عليها من مخاطر التلوث البيئي ، ولكن وكما عهد عن سياساتها الحكيمة فإن الترقب الحذر لكل ما ترصده البحوث العلمية المعاصرة من تقنيات المعالجة الجيولوجية للمخلفات الصناعية يصبح ضرورة ملحَّة لاسيما عندما تزج بمواردها النظيفة في مثل هذه التجارب الغير آمنة ، فإذا كانت عملية حقن الصخور المسامية بالمخلفات السائلة في أحد المواقع بالولايات المتحدة الأمريكية قد تسببت بآلاف الهزات الأرضية سجلت للعام 2014 [22]، وإذا كان التمدد الحجمي للغاز الكربوني المحقن في طبقة صخرية قليلة المسامية في إحدى الدول العربية ذات المناخ الجاف والحار لا زال يرصد ارتفاعات سنوية وتشوهات سطحية للأرض حول موضع الحقن وعلى بعد عدة كيلومترات من موقع الحقن بعد مرور أكثر من عقد على عملية الحقن المستمرة بالغاز [23, 24]، فما هي تداعيات حقن صخور الجبال العمانية الغير مسامية بمخلفات غازية في ظروف قصرية من الضغط ودرجات الحرارة ؟.
الجدير بالذكر أن هناك مقترح محلي آخر لتسخير صخور عمان في تخفيف أزمة الاحتباس الحراري وهو وإن كان مبني على نفس الفرضيات الغير دقيقة لسعة إستيعاب جبال عمان للغاز والتي تتحرك الأوساط العلمية الآن لإسقاطها ، إلا أن الباحثين يرون أن هذا المقترح المحلي أقل خطورة وأكثر أمانا على البيئة ، ويبقى الفارق بين المقترحين هو أن الأخير يرجح فكرة تجريف جبال عمان وطحن صخورها وبيعها للدول الملوثة بدل من حقن الجبال بالغاز على أرض السلطنة ، حيث يعتقد الباحثون في هذا المقترح أن هذه الصخور الوفيرة على أرض عمان “لا تشكل أي أهمية إقتصادية” لها ولذلك ينادي هؤلاء السلطنة وهي في قبضة الأزمة الإقتصادية باستغلال جبالها بشكل مجدي اقتصاديا [8].
وبعيدا عما يرصده العلم الحديث من خطوات متعثرة ومضطربة في تقنية المعالجة الجيولوجية للمخلفات الصناعية ذات الإنعكاسات الضارية على الإتزان البيئي ، هل ستتفق سياسات السلطنة وهي النموذج العربي المنفرد في حماية الموارد البيئية وصونها مع نهج التدخلات السافرة للإنسان في شؤون الطبيعة؟ وهل ستنقذ صخور عمان العالم حقا إذا ما قدمت السلطنة تاجها الجيولوجي العظيم مخزنا لانبعاثات الدول الصناعية؟
المراجع
1. Bach, K.B., et al., ICDP Oman Drilling Project Proposal.
2. Observatory, L.-D.e. Oman Drilling Project. 2015; Available from: http://www.ldeo.columbia.edu/gpg/projects/icdp-workshop-oman-drilling-project.
3. NERC. Oman Drilling Project. 2016; Available from: http://www.omandrilling.ac.uk/.
4. Kelemen, P., Planning the Drilling of the Samail Ophiolite in Oman. Eos, Transactions American Geophysical Union, 2013. 94(3): p. 32-32.
5. Statista. The largest producers of CO2 emissions worldwide in 2015, based on their share of global CO2 emissions. 2015; Available from: http://www.statista.com/statistics/271748/the-largest-emitters-of-co2-in-the-world/.
6. KNAPPENBERGER, P., CLIMATE CHANGE: OBAMA IS MAKING PROMISES HE CAN’T KEEP. Newsweek, 2016.
7. Lund, H. and B.V. Mathiesen, Energy system analysis of 100% renewable energy systems—The case of Denmark in years 2030 and 2050. Energy, 2009. 34(5): p. 524-531.
8. المعولي, س., صخور عُمان قد تُنقِذ العالم.. وبروفيسور يجيب. أثير, 2016.
9. YouTube. عمان تستطيع أن تنقذ كوكب الأرض. 2014; Available from: https://www.youtube.com/watch?v=3yIrb169HM0.
10. فرجة. صخور عمان الغريبة قد تنقذ كوكب الارض. 2015; Available from: http://firji.com.
11. الجزيرة, صخور من عُمان تقاوم الاحتباس الحراري. الجزيرة, 2008.
12. GARDNER, T. Scientists say peridotite rock can soak up CO2. 2008; Available from: http://www.reuters.com/article/us-climate-rocks-idUSTRE4A59IB20081110.
13. Kelemen, P.B., et al., Rates and mechanisms of mineral carbonation in peridotite: natural processes and recipes for enhanced, in situ CO2 capture and storage. Annual Review of Earth and Planetary Sciences, 2011. 39: p. 545-576.
14. Kelemen, P.B., H. Savage, and G. Hirth. Reaction-driven cracking during mineral hydration, carbonation and oxidation. in Poromechanics V@ sProceedings of the Fifth Biot Conference on Poromechanics. 2013: ASCE.
15. Pearman, G., et al., Evidence of changing concentrations of atmospheric CO2, N2O and CH4 from air bubbles in Antarctic ice. 1986.
16. ZOLFAGHARIFARD, E. Carbon emissions reach 40 billion ton high: World faces ‘dangerous climate change’ – and China, the US and India are the worst offenders. 2014; Available from: http://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-2764323/China-US-India-push-world-carbon-emissions-up.html.
17. Amos, J., Carbon dioxide satellite mission returns first global maps. BBC News, 2014.
18. NASA. NASA to Launch Carbon Observatory. NASA Science 2014.
19. Matter, J.M. and P.B. Kelemen, Permanent storage of carbon dioxide in geological reservoirs by mineral carbonation. Nature Geoscience, 2009. 2(12): p. 837-841.
20. Stephen, A., et al., Tracing Carbon: Natural Mineral Carbonation and The Incorporation of Atmospheric vs. Recycled CO 2. Energy Procedia, 2013. 37: p. 5897-5904.
21. Stephen, A.L., Carbon sources and sinks within the Oman-UAE ophiolite: implications for natural atmospheric CO2 sequestration rates. 2015, Department of Geology.
22. Hughes, T., Oklahoma hit with 70 quakes in a week. US Today, 2016.
23. Rinaldi, A.P. and J. Rutqvist, Modeling of deep fracture zone opening and transient ground surface uplift at KB-502 CO2 injection well, In Salah, Algeria. International Journal of Greenhouse Gas Control, 2013. 12: p. 155-167.
24. Rutqvist, J., D.W. Vasco, and L. Myer, Coupled reservoir-geomechanical analysis of CO 2 injection and ground deformations at In Salah, Algeria. International Journal of Greenhouse Gas Control, 2010. 4(2): p. 225-230.