ما لَمْ تَقُلْهُ العرّافَةُ عن عابِرٍ مجهول

كتب بواسطة حسام الشيخ

تنشر الفلقُ النصوص الفائزة في الملتقى الأدبي والفني الثاني والعشرين الذي أقيم في ولاية البريمي من ٢٠ وحتّى ٢٢ نوفمبر ٢٠١٦. وبالأسفل نورد النص الشعري الفائز بالمركز الثالث للشاعر حسام الشيخ.

… وعادَ من سَفَرٍ ثانٍ

إلى سَفَرِ

ماضٍ بلا جِهَةٍ

ماشٍ بلا أَثَرِ

أخفى الطُّفُولةَ

في إحدى حقائِبِهِ

و شاخَ يبحثُ فوقَ الأرضِ عن عُمُرِ

في رأسِهِ

كانَ قابيلٌ يؤجّجُهُ

بفكرةِ الموتِ

والتحريفِ في القَدَرِ

 وكانَ

يرقبُ بعثاً ما

ليقفزَ من تابوتِ أجدادِهِ البالي ..

من الأُطُرِ

وللربيع

– كما للموتِ- بوصلةٌ

ظلّتْ تشيرُ لهُ

والموتُ لمْ يُشِرِ

أمامَهُ البحرُ مرآةٌ

يراودُها ضوءٌ قديمٌ

لكي يرتدَّ في البَصَرِ

تاهتْ سفينتُهُ في الموجِ

وانقطعتْ شطآنُهُ

فرماهُ اليمُّ للجُزُرِ

الأرضُ موطِنُهُ

لكنْ يُؤرّقُهُ

شُعورُهُ أنّهُ المنفيُّ في البَشَرِ

كمْ يضربُ الرّملَ

عرّافاً

فتختبئُ النُّبُوءَةُ البِكْرُ

بينَ الرّملِ و الحَجَرِ

أماطَ عنهُ لثاماً

كان يحجبُهُ

وخاطَ أوجاعَهُ ثوباً على الكِبَرِ

في كفِّهِ

مُعجمُ الأسماءِ

مُنحدِراً من ذنبِ آدَمَ

في الأصلابِ

و العُصُرِ

يَخالُ روحَ نبيٍّ بين أضلعِهِ

فعاشَ نصفَ نبيٍّ

نصفَ مُنتَظَرِ

وكلّما

لاحَ في دربِ الخلاصِ له

نارٌ

تَسَعَّرُ بالآياتِ و النُّذُرِ

أشاحَ،

أيُّ شقيٍّ فيهِ يجذبُهُ

إلى المهالِكِ

والآثامِ

و الحُفَرِ

فيهِ تصارعَ

كهلٌ قانطٌ قلِقٌ

ومؤمنٌ

سادِرٌ

في هَدْأةِ السَّحَرِ

وليسَ يعرفُ ربّاً

كي يعودَ لهُ

إلا إذا خافَ في دنياهُ

من خَطَرِ

الليلُ يُشجيهِ

إن غابَتْ حبيبَتُهُ

فينتشي بِـقِداحِ الخمرِ

والسّمَرِ

يشتاقُ أَطْلالَهُ الأولى

يمرُّ بها

ويترُكُ الحُلْمَ مصلوباً

على الجُدُرِ

صلّى طويلا

و كم أصغى السَّحابُ له

وأغمضَ الجفنَ

غنّى

غِنْوةَ المطَرِ

و قالَ للطّيْرِ :

– لُذْ بالغُصْنِ

رَيْثَ أنا أبثُّ في الطّينِ

سرَّ الماءِ و الشّجَرِ

حتى إذا الرّيحُ هبّتْ

عادَ يُسرجُها

بالأمنياتِ ..

وقالَ الآنَ فَلْتَطِرِ

أدب التاسع والسبعون

عن الكاتب

حسام الشيخ